روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | عـودة القلــب!!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > عـودة القلــب!!!


  عـودة القلــب!!!
     عدد مرات المشاهدة: 3128        عدد مرات الإرسال: 1

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

حبيبي في الله:

إن كنت تشتاق إليه.. قلبك، إن كنت تحلم بعودته.. قلبك

فإني سأمليك الآن سبيلا هاما يعود منه قلبك إن شاء الله..

أيها المشتاق إلى قلبه..

لابد لك من فترة تصلح فيها نفسك يا من تريد التخلص من رواسب الجاهلية، لابد من فترة في بداية العلاج تختفي فيها عن العيون والآذان والألسنة، إعتزل حتى إذا اتصلوا بك يقال: إنه مشغول جداً في هذه الفترة، فهو لا يحادث أحداً الآن، يبدو أنه بصدد إتخاذ قرار خطير، وهذا القرار الخطير الشجاع هو: التخلص من رواسب الجاهلية.

يقول ابن الجوزي رحمه الله: من أراد إجتماع همه وإصلاح قلبه فليحذر من مخالطة الناس في هذا الزمان، فإنه قد كان يقع الإجتماع على ما ينفع ذكره، فصار الإجتماع على ما يضر، ولقد جربت على نفسي مراراً أن أحصرها في بيت العزلة حِميةً، والنظرُ في سير القوم وإستعمال الدواء مع الحمية عن الخلطة نافع.

هكذا: حينما تمنع نفسك من العدوى، وتستعمل الأمصال والمضادات اللازمة مع تناول الأكل النافع، حينئذ لن يتطرق إليك مرض القلب أبداً.

فالحمية رأس الدواء وهي العزلة.. وسيرة السلف هي الغذاء النافع لحياة القلوب.

ثم قال: فإذا فسحت لنفسي في مجالسة الناس ولقائهم تشتت القلب المجتمع، ووقع الذهول عما كنت أراعيه، وإنتقش في القلب ما قد رأته العين، وفي الضمير ما تسمعه الأذن وفي النفس ما تطمع في تحصيله من الدنيا، وإذا جمهور المخالطين أرباب غفلة، والطبع بمجالستهم يسرق من طباعهم.. نعم: الطباع سراقة والفتن خطافة.

إعتزل الناس شهراً..

قال تعالى: {وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} [الأنعام:116] وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103].. ثم ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الطريق إلى ربه يذهب إلى الغار، ويترك الناس ليتفكر ويتعبد وليعرف هدفه في هذه الحياة؟!

ولذلك أنصحك -حبيبي في الله- في بداية الإلتزام أن تعتكف شهراً في مكان لا يعرفك فيه أحد.. لا يسألك فيه أحد: من أنت؟ أو ماذا تفعل؟.. اذهب إلى أحد إخوانك الأحباء في الله الذين يتمتعون بقدر من الهدوء النفسي.. إذهب إلى الريف عند أقاربك.. المهم أن تبتعد عن ضجيج من حولك ممن يجتذبونك لطريق الغواية.. إبتعد عنهم ولازم الخلوة..

إذهب وإقض أكثر يومك في المكتبات العامة، ابدأ في حفظ كتاب الله تعالى، تعلم كيف يتلى، إنضم إلى معهد علمي لإعداد الدعاة، كن منهمكاً في قراءة كتب العلم النافع.

ابدأ في قراءة سيرة السلف فاقرأ مثلا: صفوة الصفوة وتصفح أكثر كتاب: سير أعلام النبلاء، تعلم عقيدتك الصحيحة واقرأ كتاب: معارج القبول من أوله إلى آخره، اقرأ فقه السنة من أوله إلى آخره، إجلس في هذه الفترة -فترة العزلة- لتقرأ وتتعلم.. لتصحح عقيدتك، وتصلح عبادتك، وتعرف مثلك الأعلى.

حين ذاك تصبح محصناً، فمهما قيل لك بعد ذلك فأنت ثابت، أما إذا تعرضت لكلام الناس من بداية ظهور لحيتك، وتردد كلام الناس وكثر على سمعك، فإنك ستهتز مع أول إصطدام بالواقع، فمع أول معارضة ظاهرة وقوية من المجتمع ستتخبط ولن تثبت، لذلك إعتزل ولا تلتفت، وإمض حيث أمرك الله سبحانه تعالى: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر:65].

لماذا لا تتوارى؟!

يقول ابن الجوزي رحمه الله: فإذا عدت أطلب القلب لم أجده، وأروم ذلك الحضور فأفقده، فيبقى فؤادي في غمار ذلك اللقاء للناس أياماً حتى يسلو الهوى، وما فائدة البناء للنقض؟!.

لماذا لا تتوارى حتى يتم الله لك؟!.. ما فائدة أن تعرض قلبك للناس فيردموه لك وأنت لا تزال تؤسسه؟! خبئ قلبك عنهم وأحطْه بالعزلة، لتستطيع أن تتفرغ لبنائه.

يقول ابن الجوزي رحمه الله: فإن دوام العزلة كالبناء، والنظر في سير السلف يرفعه، فإذا وقعت المخالطة إنتقض ما بني في مدة في لحظة، وصعب التلافي، وضعُف القلب..

وسبب مرض القلب أنه كان محمياً عن التخلي، مغذوّا بالعلم وسير السلف، فخلط فلم يحتمل مزاجه، فوقع المرض.

فالجد الجد، فإنما هي أيام ما نرى من يلقى، ولا من يؤخذ منه، ولا من تنفع مجالسته إلا أن يكون نادراً ما أعرفه.

ما في الصحاب أخو وجد نطارحه *** حديث نجد ولا خل نجاريه

فالزم خلوتك، وإذا قلقت النفس فاشتاقت إلى لقاء الخلق، فاعلم أنها بعدُ كدِرة، فرُضْها ليصير لقاؤهم عندها مكروها.

ولو كان عندها شغل بالخالق لما أحبت الزحام، كما أن الذي يخلو بحبيبه لا يؤثر حضور غيره، ولو أنها عشقت طريق اليمن لم تلتفت إلى الشام.

حبيبي في الله

هذا هو السبيل الأول: العزلة وترك الخلطة.. غيّر مجموعة الأصدقاء، وإبتعد عن الناس قدر الإمكان، لا تناقش.. ولا تجادل.. ولا تناظر.

ولو كان ممكناً لكان حرياً بك فعله: أن تحضر قطعة من شريط لاصق عريض، وتضعها على قلبك، وتكتب عليه بمداد اليقظة: مغلق للتحسينات.

إن الطريق طويل وعر.. فلا يستوقفنك أول عارض.. إمض وساعتها يثبت بناؤك.

أستودعك الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصدر: موقع الربانية.